تعتبر ظاهرة الاتجار و تعاطي المخدرات من بين أبرز المشاكل العالمية التي لا يكاد يخلوا منها شعب من الشعوب و لا يكاد يسلم من مخلفاتها المباشرة و الغير المباشرة في وقتنا الحاضر أي مجتمع ، و يظهر بجلاء عمق انغماس العالم في وحل المخدرات من خلال نسبتها من التجارة العالمية والتي تشكل 8 % مما يؤكد بما لا يدع للشك أن الظاهرة ليست مرتبطة بمجتمع بعينه و ليست محلية بل تتجاوز ذلك لتكون من بين أهم أجندة جميع الدول و التي تسعى لمحاربة و مكافحة هذه الظاهرة التي تخلف عددا كبيرا من المشاكل التي لا تعد ولا تحصى . هذه الظاهرة لا يمكن أن نعتبرها حديثة العهد بالمجتمعات البشرية العصرية ، فقد عرفت مند القديم أعشاب مخدرة استعملت في تسكين الآلام و أدخلت في الطقوس الدينية الوثنية ، ومن بين أبرز الدول إنتاجا للمخدرات نجد : أفغانستان بدرجة أولى تليها باكستان و دون أمريكا الجنوبية ، و نجد اسم الغرب حاضرا و بقوة في خريطة المنتجين حيث يعتبر أول مصدر حشيش لأوروبا و أكبر مصدر للمادة في العالم حيث يبلغ إنتاجه منها حوالي 2000 طن سنويا ، و تتركز أهم أماكن زراعة هذه المادة التي تستخرج من أزهار نبتة القنب الهندي في كل من : كتامة ، تاونات ، الشاون ، العرائش ، وزان ... وغيرها من المناطق الشمالية التي تشتهر بها تاريخيا حيث بلغت المساحة المزروعة أزيد من 65000 هكتار وهذا الرقم الضخم يوضح بجلاء عمق الأزمة ..
الأكثر من ذلك إخواني الأعضاء هو الإحصائية التي وجدتها عند تصفحي للشبكة العنكبوتية و التي أخرجها مركز البحوث و الدراسات حول البيئة و المخدرات بالمغرب - وهي هيئة مستقلة - حيث قال بأن 26% من الشباب المغربي يتعاطون للمخدرات و 90% منهم تقل أعمارهم عن 25 سنة و تنتشر هذه الظاهرة أكثر في صفوف طلبة الجامعات و ثلاميد الثانويات و الإعداديات بدرجات متفاوتة ، فقد نشرت دراسة للمركز الجامعي للطب النفسي ابن رشد بالبيضاء أن 4% من الطلبة الجامعيين بالمدينة يتعاطون المخدرات مما يطرح علامة استفهام كبيرة حول مصير جيل بأكمله والذي يعول عليه البلد للنهوض به إلى مصافي الدول المتقدمة ، أسباب الإدمان على تعاطي المخدرات كثيرة و متعددة و سوف أتطرق إليها فيما بعد أما الآن فسوف أقوم بإطلالة عابرة عبر مجموعة من التعاريف المختلفة لمفهوم المخدرات ، فما معنى كلمة مخدرات ؟؟ تتعدد تعاريف المخدرات بتعدد المنطلقات و المجالات التي ننطلق منها للتعريف بها ، فالتعريف العلمي يشير إلى أن المخدرات مادة كيميائية تسبب النوم و النعاس و غياب الوعي المصحوب بتسكين الألم و بالتالي فالخمر من المخدرات ، و في التعريف القانوني نجد أن المخدرات هي مجموعة من المواد التي تسبب الإدمان و ترهق الجهاز العصبي و يحضر تعاطيها أو تداولها أو انتاجها ، أما المعنى الطبي فيؤكد على أن المخدرات هي كل مادة نباتية كانت أو كيميائية أو مركبة ذات خواص معينة تؤثر على متعاطيها و تجعله مدمنا لا إراديا ، بالمقابل فلديها استعمالات علاجية ولكن تحت إشراف طبي مختص ، و هي تشكل ضررا على متعاطيها من جميع النواحي سواء النفسية منها أو الصحية و حتى الإجتماعية ، أما التعريف الإجتماعي فيعتبر المخدرات موادا تؤدي بمتعاطيها إلى السلوك الجانح و المنحرف .
أما كلمة مخدر في اللغة فتعني كل مادة تحدث خدرا في الجسم الذي يتناولها ، و المخدر يشمل القلق و الحيرة و الكسل و الإضطراب و التسيب . أما الإدمان لغويا فهو حالة تسمم دورية أو مزمنة تلحق الضرر بالفرد و المجتمع ناتجة عن تعاطي عقار طبيعي و تتكون لدى المستهلك رغبة دائمة في تعاطيه بلهفة و الحصول عليه بأي وسيلة كانت كما تكون هناك إرادة بزيادة الجرعة المتناولة كل مرة ..
كما سلف الذكر فالمخدرات ليست وليدة الساعة بل كانت معروفة عند المجتمعات القديمة و كانت تستعمل لتسكين الآلام لكن خطرها على صحة الإنسان لم يعرف إلا في عهد قريب ، و من النباتات المخدرة المعروفة هناك : القنب الهندي الذي يستخرج منه الحشيش وهو مادة معروفة في المغرب باعتباره أكبر منابعها ، القات وهو نبات يمضغ و يمتص ماءه ، الأفيون ، البانجو ، الهيرويين ، وهناك عقاقير طبية يساء استعمالها وتستخدم كمخدر بالإضافة إلى عقاقير الهلوسة .
نجد من بين أهم الأسباب التي تدعوا الشخص إلى تعاطي المخدرات المشاكل الإجتماعية المتنوعة التي تأخد الإنسان إلى سبيلها كارتفاع مستوى المعيشة و البطالة التي يرخي بظلالها على أغلب الشباب المغاربة الذين يحاولون الهروم من قسوة الحياة و من الواقع و هذا ناتج أساسا عن ضعف الشخصية و االشعور بمركب نقص ، كما نجد من الشباب من يتعاطون للمخدرات فقط حبا في الإستطلاع و المجازفة و توهمهم أن في هذا استقلالا لشخصيتهم عن المحيط ، التفكك الأسري و سوء التربية و كذا تأثير وسائل الإعلام السلبي و ضعف الوازع الديني مع سوء استغلال أوقات الفراغ ، ولعل أهمها من وجهة نظري هي رقفة أو صحبة السوء التي تمهد للفرد كل سبل التعاطي ..
نتائج التعاطي أو الإدمان على المخدرات كثيرة و متعدد لعل أبرزها هو الإصابة بالسيدا عبر الحقن الملوثة بالدم و كذا الموت المفاجئ في حالة الإنقطاع عن التعاطي و الدخول في غيبوبة ، بالإضافة إلى الإضطرابات النفسية نتيجة تأثر الجهاز العصبي ، الدوار (الدوخة) ، عسر الهضم ، الضعف الجنسي ، ضغط الدم ، التعرق الشديد و حكة الجلد ، عدم التركيز ، الهزال الجسدي مع ضعف العضلات ، الإنفعال ، التنفس السريع ، فقدان الشهية ، التقيؤ ، انقباض المعدة ، القشعريرة ، اسهال شديد ، ولادة الأم المدمنة لأطفال مشوهين وهناك أضرار اجتماعية و اقتصادية كثيرة سيتم التطرق لها في خضم النقاش الذي آمل أن يكون مثمرا و أن لا يدور في بوثقة فارغة آملا من الله عز وجل أن ينجنا و ينج إخواننا من هذه الآفة الخطيرة ..
تقرير عن المخدرات في المغرب تجميع و تقديم أخوكم حسين
تحياتي
الرئيسية 
